Friday, April 1, 2016

الموضوع ٣ : النحو التطبيقي


النحو التطبيقي في تدريس اللغة العربية كلغة أجنبية

هل يمكن الجمع بين الضبط و الفاعلية و الجاذبية في تدريس النحو ؟
هل يمكن تدريس النحو عمليا دون الإلتزام بالشروحات النظرية و مساطر محددة تحوّل التلقين إلى محاضرة أو خطاب ؟
النحو التطبيقي يبدو السبيل الوحيد للرد إيجابا على هذين التساؤلين .

لنحدد في البدء مفهوم هذه المقاربة! ما معنى أن ندرّس النحو تطبيقيا أو عمليا دون الخوض في كنهه و خباياه ؟
النحو التطبيقي ببساطة هو مجموعة قواعد يتم الإلتزام بها في التخاطب محاكاة لما يقدّمه متحدث اللغة الأصلي من خطاب دون الخوض بشأنها في تحليلات نظرية أيا كانت. هو القدرة على تكوين تعابير تجسّد هذه القواعد دون الإلمام بخباياها.
فالإستعمال الصحيح و الواعي للغة ما عموما ليس بالضرورة ناتجا دائما عن دراسة قواعدها  دراسة نظرية تحليلية  رغم ما لهذه الدراسة من أهمية ، بل هو نابع من القدرة على التركيز و الإستماع الجيد و دقة الملاحظة و التحليل الذاتي و المحاكاة والتلاؤم و التوافق و مراعاة قواعد محددة مكتسبة أثناء الخطاب. و عليه، إذا أمكن  لطالب في نهاية المستوى الإبتدائي  مثلا أن يتعامل مع جملة مركبة من هذا القبيل: " كنت أريد أن أدخل كلية الآداب مثل عمي محمد، لكن والدي رفض ذلك، و أراد أن ألتحق بكلية التجارة مثله " ، فبإمكاننا أن نفترض أنه أي الطالب باستطاعته أن يكوّن مجموعة من جمل مركبة على نفس المنوال إذا اخترنا النهج المناسب في التداريب و أعددنا ما يلزم لهذا الغرض من تمارين خاصة شفوية و كتابية سقت بعضها هنا لتوضيح الصورة أكثر على النحو التالي :
( وللإشارة  فقط مكونات هذه الجمل النحوية التي اقتبستها حرفيا من نصوص كتاب في جزئه الأول متداول حاليا ببعض الجامعات الأمريكية و سقتها هنا كنماذج توضيحية غير مدرجة في قواعد الدروس المذكورة بجانها و لا علاقة لها بالنحو المقرر الوارد فيها ).

* الجملة النموذجية # 1 المراد محاكاتها:
" كنت أريد أن أدخل كلية الآداب مثل عمي محمد، لكن والدي رفض ذلك، و أراد أن ألتحق بكلية التجارة مثله " ( من النص الأساسي في الدرس 8 من الجزء الأول المشار إليه)
* التطبيق:
ـ الأستاذ: كنت أريد أن أذهب إلى المدينة مثل أخي أحمد. والدتي أرادت أن أساعدها في ترتيب البيت.
الطالب: كنت أريد أن أذهب إلى المدينة مثل أخي أحمد، لكن والدتي رفضت ذلك، و أرادت أن أساعدها في ترتيب البيت.
ـ الأستاذ: أردت أن أدرس في جامعة القاهرة مثل صديقي يوسف. جامعتي أرادت أن أدرس هنا.
الطالب: كنت أريد أن أدرس في جامعة القاهرة مثل صديقي يوسف، لكن الجامعة رفضت ذلك، و أرادت أن أدرس هنا.
ـ الأستاذ: ما عملت في مدرسة خاصة مثل أختي، لأن والدي أراد أن أعمل معه في شركته.
الطالب: كنت أريد أن أعمل في مدرسة خاصة مثل أختي، لكن والدي رفض ذلك، و أراد أن أعمل معه في شركته.
و هكذا..
و قس على ذلك ما نراه مناسبا في مختلف المستويات بغض النظر عما إذا كان صاحب الكتاب المقرر قد أدرج الأمر في ما خطط له من قواعد في الدرس نفسه او لم يفعل. و في ما يلي نموذجان آخران في نفس الإتجاه:

* الجملة النموذجية # 2 المراد محاكاتها (من نفس الكتاب، الدرس 12):
" كنت أحب أن يبقى معنا وقتا أطول، ولكني أعرف كم هو مشغول بعمله في نيويورك"
ـ الأستاذ: ما جلس معنا وقتا أطول. هو مشغول بالدراسة
الطالب: كنت أحب أن يجلس معنا وقتا أطول، ولكني أعرف كم هو مشغول بالدراسة.
ـ الأستاذ: ما تكلمتْ مع أخي وقتا أطول. هي خجولة جدا.
الطالب: كنت أحب أن تتكلم مع أخي وقتا أطول، ولكني أعرف كم هي خجولة.
ـ الأستاذ: ما تناول العشاء معنا لأن أسرته كانت في انتظاره.
الطالب: كنت أحب أن يتناول العشاء معنا، ولكني أعرف أن أسرته كانت في انتظاره.
ـ الأستاذ: ما بقيتم معنا مدة أطول. أنتم مشتاقون إلى أهلكم.
الطالب: كنت أريد أن تبقوا معنا مدة أطول، ولكن أعرف كم أنتم مشتاقون إلى أهلكم.
و هكذا..

* الجملة النموذجية # 3 المراد محاكاتها (من نفس الكتاب ج 1، الدرس الأخير):
"الحمد لله، تم ترتيب كل شيء وسنسافر غدا إلى القاهرة"
ـ الأستاذ: حضّرت الطعام. سنتناوله بعد قليل.
الطالب: الحمد لله، تم تحضير الطعام وسنتناوله بعد قليل.
ـ الأستاذ: أنجزنا الواجبات. سنلعب الشطرنج بعد العشاء.
الطالب: الحمد لله، تم إنجاز الواجبات وسنلعب الشطرنج بعد العشاء.
ـ الأستاذ: سنسافر غدا إلى مراكش. أصلح والدي السيارة.
الطالب: الحمد لله، تم إصلاح السيارة وسنسافر غدا إلى مراكش.
ـ الأستاذ: أعددنا ما يلزم. سنبدأ العمل غدا إن شاء الله.
الطالب: الحمد لله، تم إعداد ما يلزم وسنبدأ العمل غدا إن شاء الله.
وهكذا..

 مثل هذه الجمل لا تخلو من تعقيدات نحوية في أعين طلاب المستويات المعنية من إبتدائي و متوسط بدرجاتهما، و يتطلب تحليلها و شرحها شرحا نحويا نظريا جزء من الحصة ليس باليسير، لكن يمكن تجاوز هذا التحليل النظري المستفاض و الإقتصارعلى ملاحظة الطالب لميكانيزمات التركيب و تركيزه قصد محاكاته في تطبيقات شفوية و كتابية محكمة يُراعى فيها الجانب الزمني و التنوع تجنبا للملل و سعيا وراء الفاعلية و الجاذبية المنشودين في هذه المقاربة. هذا هو القصد في النحو التطبيقي .

فالنحو عموما من أهم الدوافع الأساسية لتدريسه كمنهج للتحليل كان و ما زال الضبط عموما و تحسين مهارة الكتابة خصوصا. لكن الواقع يبين أن تدريس النحونظريا نادرا ما يحقق الهدف المنشود و تبقى النتيجة عمليا نسبية إلى حد ما، إذ قليل من الطلاب من لديهم ملكة تعلم النحو جيدا، و قلة منهم من يتذكر قواعده ، و قلة قليلة من يرسم ما تعلمه على أرض الواقع كلاما و كتابة. فالنحو النظري يبقى بامتياز خطابا دقيقا  يقدم شرحا تحليليا لمعطى تركيبي محدد، و يفصل جوانبه تفصيلا منطقيا لكنه أقل فاعلية من النحو العملي التطبيقي الذي يتسم بأمر جوهري و أساسي يفتقده النحو الأول و هو الإستعمال و الممارسة في السياق المحدد و الوظيفة المرسومة. فتدريس أدوات الربط مثلا ( و ، ثم ، ف ، أو ، أم ..) عمليا أو تطبيقيا هو أكثر فاعلية من تدريسها نظريا و سرد قواعدها وحفظها و استظهارها. كما أن النحو التطبيقي يتسم بالتنوع في التركيب و الملاحظة و خفة المعلومة عكس النظري الذي يركز على تجريد التركيب و عزله في إطار الغرض المحدد له و تفصيل جوانبه و عرض قواعده في النهاية كخلاصة للدرس بأكمله يُطلب من الطالب تذكرها جيدا أي حفظها و إستظهارها.   

قد يتساءل المدرس في هذا الإطار قائلا: ما هو دور الكتب المقررة إذن، خصوصا في باب النحو الذي نحن بصدده ؟ و كيف يجب التعامل مع ما هو مقدم فيها من نقط نحوية يميل معظمه إلى الجانب النظري ؟

في ما يخص التساؤل الأول: يجب في اعتقادي التعامل مع ما هو معتمد و رائج من كتب في تدريس اللغة العربية كلغة أجنبية حاليا (في انتظار الفرج) ككتب مرجعية و ليس ككتب مقررة لتدريس  علوم مجردة يتم الإلتزام بفهرستها حرفيا. لابد من أن يجعل المدرس من نفسه هو كتابا أساسيا بجانب الكتاب المرجع الذي بين يديه، و يوضح  لطلابه أن المقرر كتابان متوازيان كسكة حديدية إن صح التشبيه لا مناص من توازي قضيبيها لسير القطار: الكتاب الأول هو نفسه أي المدرس، و الثاني ما بأياديهم و هو الكتاب المرجعي الذي يجب التصرف فيه و التعامل معه بذكاء، يختار منه المدرس ما يراه مناسبا، و يضيف و يحذف ما يراه مناسبا، و يعيد ترتيب محتويات كل درس فيه ترتيبا محكما واضعا إياها في سياقات تشكّل وحدة وظيفية متكاملة يسلك في تركيزها مختلف التقنيات التي سأتطرق في عجالة إلى التذكير بها لاحقا في هذا البحث إن شاء الله تعالى.
و لا تفوتني هنا الإشارة إلى ضرورة إشراك الطلبة في ما يسمى بالتمارين الذهنية، فتعلم لغة أجنبية مغامرة كما أن تدريس النحو تطبيقيا يمكن أن يكون بدوره مغامرة، و لضمان نجاح المغامرتين،  يجب أن يكون المدرس ماهرا بارعا صبورا، و الطالب مركزا متجاوبا متعاونا.       

أما في ما يتعلق بالتساؤل الثاني: فهو يثير حقيقة إشكالية إختيار ما يلزم التركيز عليه أكثر عند التعامل مع النحو أثناء الدرس. هل يتم ذلك عبر إعتماد المدرس حصريا على ما هو مقدم في الكتاب المقرر، أم يعزز ذلك  بسد ثغراته و ضبط ما اعوجّ فيه  بشروحات مضبوطة و تمارين إضافية مع الإلتزام بالنقط النحوية المدرجة في الدرس نفسه، أم يتعدّى أحد هذين الأمرين أو كليهما إلى ما نحن بصدده في هذا البحث و ينفخ من روحه في الدرس الذي هو بين يديه باختيار ما يراه مناسبا لطلابه من تراكيب و عبارات واردة في نص أو نصوص الدرس الأساسية و توظيف نحوها توظيفا تطبيقيا يجعل الطالب يجاري العبارة المطروحة أمامه دون الخوض في تحليلها تحليلا نظريا مفصلا و ذلك على نفس وتيرة ما ورد في النماذج التي سقتها أعلاه او ما شابه ذلك ؟                                    

أترك الخيار للمدرس، لكني أرى شخصيا أن من أنجع طرق بلوغ طلاقة في التعبير و استعمال سلس صحيح و سليم للغة أجنبية ما تكرار التعبير الوظيفي الذي يراد استغلاله في إطار تداريب ميكانيكية و جعله قالبا يتم به تكوين عبارات مماثلة في سياقات وظيفية محددة مهما كان الأمر متعبا ( ولا أقول صعبا ) يتطلب جهودا من الدارس و المدرس أو مملا أحيانا يستدعي التنوع و الخفة لكسر الملل إن وجد . فبهذه الطريقة، سيحاول المتعلم أن يدرك أنه بصدد تكلم و كتابة لغة عربية سليمة و جيدة بعيدة عن التفكير في لغته الأم و اعتماد الترجمة الذهنية الخلل الذي يعاني منه جل الطلاب. و حال تأكده  من إدراكه هذا، سيستعمل ما يلفظ به برضى و دون تردد، و تنضبط لغته انضباطا ، و ينتبه إلى ما يمكن أن يرتكبه من أخطاء و يصححها بنفسه ، كما أنه سيكوّن ما يبتغيه من جمل و تعابير دون أن يسأل " كيف نقول كذا ؟ كيف نترجم  كذا ؟ "،  أو يلجأ إلى الترجمة الحرفية التي تخل باللغة لفظا و أسلوبا و نحوا و معنى.

و ما دمنا بصدد فكرة التوظيف، لا بأس من التذكير بتقنياته في عجالة كما أسلفت الذكر، قبل الحديث عن التعلم عن طريق القياس أو المماثلة ، و يمكن أن نضعها إجمالا في ثلاث خانات، منها ما هو ميكانيكي، و منها ما هو ذو معنى، و منها ما هو معبّر.
فالميكانيكي لا مجال فيه للبطء و التأني، كما أن صفتي التنوع  و الحركة  فيه إجباريتان تفاديا للملل مع الحرص على ألا يستغرق التمرين وقتا أكثر من اللازم.
وما هو ذو معنى يجب الحرص فيه على أن يكون جواب الطالب صحيحا شكلا و مضمونا، و عادة ما تكون فيه أكثر من صيغة واحدة للجواب، و يجب أن تعطى فيه فرصة للطالب ليصحح خطأه بنفسه، و يأتي في الغالب لدعم مرحلة التوظيف الميكانيكي، و كقاعدة عامة يتعين على الأستاذ أن يوقف التمرين بعد أن يكون الطالب قد قدم جوابين أو ثلاث مماثلة للعبارة قيد الدرس.
أما ما هو معبّر، فقد يبدو سهلا لأول وهلة، كما قد يبدو أحيانا للمدرس أن لا فرق بينه و بين سابقه، لكنه يختلف عنه في كونه يأتي في إطار التعبير الحر، تكون فيه أجوبة الطالب حقيقية و واقعية مع مراعاة الفرق الثقافية في طرح الأسئلة، و يتم فيه استغلال ما تم تقديمه و تركيزه من عبارات سابقة، بخلاف التوظيف السابق ذي معنى، فهو توظيف موجه و محدد في مماثلة العبارة قيد الدرس. هذه المرحلة حساسة جدا، إذ فيها يبدأ الطالب بالإستمتاع باستعمال اللغة و القدرة على مزج ما اكتسبه من تراكيب و عبارات بطريقته الخاصة في التعبير و بلوغ نشوة الروح كما يصطلح عليه في لغة التصوف.

لا جدال في أن الطريق إلى لغة عربية جيدة و سليمة طويلة و شاقة كما هو الحال في لغات أخرى. الأطفال فقط مباركون بقدرة تعلم لغة أو لغات دون عناء كبير و عادة ما يدهشون آباءهم و محيطهم بمهاراتهم اللغوية. بينما المتعلم البالغ يجد نفسه مجبرا لإجهاد نفسه و ذاكرته و ذكائه و التفكير مليا للتعبير عن آرائه و أفكاره أو ببساطة للتخاطب مع الغير.
الأطفال يتعلمون اللغة بالمماثلة و القياس، ينصتون إلى الكبار و يحاولون تكوين جملهم الخاصة و غالبا ما يحرفون ما استمعوا إليه، الأمر الذي يثير الإبتسام و الضحك فيزداد المرء حبا لهم  و فيهم . سبحان الله . أما مرحلة تعلم اللغة لديهم بطريقة واعية و اكتساب القواعد النحوية و النطق و الخط فتأتي لاحقا.
السؤال في هذا الصدد هو: هل يمكن تعليم اللغة العربية للبالغ الناطق بغيرها تماما كما يكتسب الطفل لغته أو لغاته عن طريق القياس و المماثلة دون الإستناد إلى القواعد النحوية المقدمة في الكتب المقررة ؟ هل يمكن ابتكار دروس في النحو التطبيقي تمكن الطالب من اكتساب مهارات لغوية عملية بطريقة تشبه ما يعتمده الطفل ؟
الجواب ببساطة: نعم، ممكن و موضوع البحث هذا قد يساعد في ذلك كثيرا إذا تم الإعداد للأمر إعدادا جيدا و رسم خطة محكمة لأهداف الدرس الوظيفية، و هذا لا و لن يتأتى باعتماد حصري على محتويات ما يروج من كتب على قلة عددها و ضحالة جودتها بل بمجهودات فردية و جماعية و ذكاء حاد و مهارة في اختيار ما هو مناسب للطالب تبعا لمستواه من الكتاب المعتمد ذاته و غيره دون الخوض في التحليلات النظرية نحوية كانت أو غيرها.

على أن للنحو التطبيقي سلبيات  بجانب ما فيه من إيجابيات شأنه في ذلك شأن غيره من تقنيات وطرق.
إذا بدأنا بالإيجابيات، فأولاها أن الطالب يبدأ بتكلم اللغة فعلا، إذ تساعده مماثلة أو محاكاة التعبير قيد الدرس على توظيف ما لديه من مفردات في إطار القالب المطروح، و مجاراة الأمرفي مرحلة التعبير الحر ثم الواقع المعاش.
و ثانيها، يتم باعتماد النحو التطبيقي تجاوُز النفور الذي عادة ما يلاحظ لدى بعض الطلاب عند اعتماد نحو نظري يستند إلى استعمال مصطلحات لا يعرفها الطالب في لغته الأم فأحرى باللغة العربية. 
و ثالثها أن المدرس يعرف ما تعلم طلابه، و يستطيع بالتالي تقييم مهاراتهم اللغوية.
و رابعها هناك حظوظ كبرى مع طلاب متجاوبين و مدربين في البدء بالإستمتاع باستعمال اللغة في مرحلة مبكرة في اكتساب كفاءة جيدة في مختلف المهارات.
و خامسها يكتشف الطالب بعد كسب رصيد تعبيري باعتماد هذه الوسيلة أن بإمكانه التعبير بطرق مختلفة، و قد يبدأ في التفكير في تكوين جمل مركبة في المراحل الأولى قد تبدو لغيره في نفس المرحلة معقدة عوض الإقتصار على الجمل السهلة البسيطة.
و سادسها تُجنّب المدرس و الطالب معا استعمال لغة وسيطة و تُبقي الدرس في إطار لغوي بدل تحويله إلى محاضرة نحوية يلجأ فيها المدرس إلى اللغة الإنجليزية او أي لغة أخرى وسيطة.
و من سلبيات هذه الطريقة، أولا: جعل الطالب يلتزم بقوالب تُنسيه أحيانا ما هو بصدد قوله، الأمر الذي ينتج عنه النظر إلى اللغة  كأنها مجموع عبارات و تراكيب فحسب تُستعمل للتعبير عن شيء ما، و هو مشكل المنظور الوظيفي عموما.
ثانيا: قد يبدو الأسلوب التي يُستند في تدريسه إلى نمط النحو التطبيقي و أشكال تمارينه و تداريبه  مائلا إلى الإصطناع، يغلب عليها الطابع الشكلي، فاقدا لشيء ما، الأمر الذي يجعله يتصف بالجمود أحيانا.
ثالثا: لا يُضمَن مع هذه الطريقة  تدريب الطالب على تفكير عميق بل يبقى في مجمله سطحيا في أغلب الأحوال، تنتهي مهمته باكتمال الوظيفة المنشودة.
رابعا: يتطلب هذا الأسلوب  تركيزا جيدا و ذاكرة قوية، الأمر الذي قد يُفتقد لدى الطالب البالغ، لذا يجب نهج تقنية التدرج و إعداد تمارين بديلة يسهل معها التكيف عند مواجهة وضع من هذا القبيل.
خامسا: قد يولّد نهج نمط أو نمطين من التمارين المعتمدة في هذا الأسلوب مللا لدى الطالب، لذا يلزم توخي الحذر و الأخذ بعين الإعتبار التنوع و التشويق أثناء إعداد التمارين، إذ أن إشكالية شعور الطالب بالملل تبقى دائمة قائمة في هذا الأسلوب.

 ختاما، يبقى اعتماد تدريس النحو تطبيقيا نهجا يلائم الطريقة التواصلية و يتعايش معها و يضفي على المهارة النحوية ثوبا يليق بها بين أخواتها المهارات الأخرى، لكن هذا الإعتماد يتطلب بالتأكيد جهودا من طرف المدرس يمكن وصفها بالمضنية، تتلخص كما أسلفت الذكر في تحضير جيد و محكم، و التفكير في استنباط ما هو مفيد من عبارات        و تراكيب وإضافة ما يلزم إليها قبل وضع ما يناسبها من تمارين ونهج ما يلزم من تقنيات تفاديا للعشوائية في التدريس. أضف إلى ذلك جانب الإلهام، فالتدريس قبل كل شيء فن، و المدرس الفنان يختلف عن المدرس الممتهن.

إنتهى بعون الله و حمده
                                                                                      ذ. محمد الزعيم محمد
                                                                    


No comments:

Post a Comment